تطور شركة المصنع العراقي للمواد الصيدلانية

تطور شركة المصنع العراقي للمواد الصيدلانية

شركة المصنع العراقي للمواد الصيدلانية

منذ العصور القديمة، قبل سيطرة النفط، كانت أرض الرافدين، المعروفة للعالم باسم العراق، مرادفة للمعرفة والتطوير والاختراعات الرائدة. بين إنجازاتها العديدة، ترك العلماء العراقيون بصمة لا تُمحى في مختلف الصناعات، بما في ذلك صناعة الأدوية.

مسار تطور الصناعة الدوائية عالمياً كان سريعاً، ولم تتأخر العراق في ذلك. تأسّست شركة المصنع العراقي للمواد الصّيدلانيّة عام 1954 على يد الدّكتور لبيب رشيد ميرزا، إلى جانب نخبة من الصّيادلة، والمختصّين، والمستثمرين، بالتعاون مع شركة U.C.B البلجيكيّة المرموقة لتأسيس أول شركة دوائية في العراق. شكلت هذه المبادرة الرائدة ولادة صناعة الأدوية الوطنية، وافتتحها الملك فيصل الثاني في عام 1958.

في عام 2012، تحقق إنجاز كبير عندما اتخذ مجلس إدارة المصنع العراقي للمواد الصيدلانية قرارًا استراتيجيًا بتحديث العمليات. باستثمار تجاوز 20 مليون دولار، خضع المصنع لتجديد شامل ليتماشى مع معايير ممارسات التصنيع الجيدة الحالية (CGMP). كانت النتيجة منشأة حديثة مجهزة بأحدث التقنيات وتلتزم بأشد بروتوكولات مراقبة الجودة صرامة.

أثمر التركيز المتجدد على التميز في عام 2017 عندما حصل المصنع على عدة شهادات جودة من الأسواق العالمية الرئيسية. وقد عززت التعاونات مع الشركات متعددة الجنسيات الابتكار، حيث يضم المصنع معدات تجريبية متقدمة لضمان أن إنتاج الأدوية يواكب المعايير العالمية.

تردد تأثير هذه التطورات ليس فقط داخل حدود العراق، بل امتد إلى جميع أنحاء المنطقة. ظهر المصنع كمورد حيوي، حيث ينتج 12 مليون كبسولة شهريًا، لتلبية الاحتياجات الصحية الحرجة في الدول المجاورة مثل المملكة العربية السعودية. ويجدر الإشارة إلى أن المصنع قد غيّر المفهوم السائد من خلال تصنيع علاجات السرطان محليًا، مما أدى إلى الحد من الحاجة إلى الواردات المكلفة.

في عام 2022، تم اتخاذ خطوة هامة بإنشاء قسم مخصص لعلاج السرطان داخل مبنى المصنع. تؤكد الخطط لتوسيع مجموعة المنتجات لتشمل أكثر من 20 مادة جديدة على التزامنا بتعزيز رعاية المرضى. بالإضافة إلى ذلك، حقق المصنع إنجازًا في إنتاج علاج لمرض التلاسيميا، الذي كان نادرًا في العراق سابقًا، مما سمح بتوسيع نطاق الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية.

بلائحة تضم 55 دواءً ومنتجًا يلتزم بالمعايير الدولية، فإن نمو صناعة الأدوية العراقية لا يُنكر. هناك خطط مستقبلية لإطلاق 25 دواءً ومنتجًا جديدًا، مما يعزز مكانة العراق كقوة رائدة في مجال الأدوية على المستوى الإقليمي.

النتائج المالية لهذا النجاح كبيرة، حيث ارتفعت المبيعات من 20 مليار دينار عراقي في عام 2018 إلى 70 مليار دينار متوقعة بحلول عام 2022. الثقة في جودة الأدوية العراقية كانت حاسمة في دفع هذا النمو الهائل.

بالنظر إلى المستقبل، لا يهدف العراق إلى قيادة المشهد الصيدلاني في المنطقة فقط لكن أيضًا للظهور كمصدر مهم للتصدير، من خلال التعاون مع كيانات عالمية لتحقيق هذه الرؤية. إن رحلة صناعة الأدوية العراقية هي شهادة على المرونة والابتكار والالتزام الراسخ بتعزيز الرعاية الصحية للجميع.


https://www.youtube.com/watch?v=b1ASS01_TqU